موضوع: اختفاء نسر فلسطين الذهبي..شعار السلطة الفلسطينية الخميس أغسطس 20, 2009 6:53 am
تحلّق طيور مختلفة متفاوتة الأحجام في سماء صافية إلى الشرق من نابلس على بعد كيلومترات من نهر الأردن، لكن ليس هناك أي طائر جارح هوى إلى الأرض كالعادة لالتقاط فريسته في أكثر ممرات الطيور اكتظاظا في الأراضي الفلسطينية.
وفي هذه المنطقة الحارة، ذات التيارات الهوائية الصاعدة الساخنة التي يمكن أن تساعد الطيور المحلقة على الطيران بسهولة، لم يعد السكان في المنطقة، التي تشتهر بصخورها الجبلية المعلقة، يرون طير النسر الذهبي كثيرا.
ويقولون إنهم لم يروا هذا النسر الكاسر منذ سنوات. بينما تؤكد مؤسسات مختصة بالحياة البرية أن النسر الذي يشكل شعارا لدولة فلسطين ولدول عربية أخرى، قد يختفي تماما من الأراضي الفلسطينية في السنوات القليلة القادمة.
كانت آخر مرة رصد فيها هذا الطائر في الضفة الغربية قبل أربع سنوات في منطقة تقوع قرب بيت لحم، لكن منذ ذلك اليوم الذي شوهد فيه ملك الطيور في المنطقة، أخذ الأمر يبدو مثل كابوس يلاحق االبيئيين الفلسطينيين.
'يمكن أن تعد عشرة أزواج من هذا الطائر في الأراضي الفلسطينية الآن'، قال المدير التنفيذي لجمعية الحياة البرية الفلسطينية عماد الأطرش، الذي يبدو قاصا مجتهدا لخط سير هذه الطير.
ويظهر الرجل، بينما كان يشير إلى أصناف مختلفة من الطيور في سماء منطقة جبلية في منطقة الغور قرب نابلس، تشاؤما عميقا حيال اختفاء هذا الطائر وطيور أخرى من الطبيعة الفلسطينية الزاخرة بأعداد كبيرة من الطيور المهاجرة والمقيمة.
ويعيش هذا النوع من الطيور في السفوح الشرقية لمدن الضفة الغربية المطلة على حفرة الانهدام العظيم، ويعشش في المناطق الصخرية العالية.
كان الطير الذي يرتفع عن الأرض نحو متر واحد وتعتبر ذكوره من أكثر الطيور الجارحة إخلاصا للأنثى ويلازمها حتى الموت، سجل في السبعينيات من القرن الماضي في دير كريمزان في بيت جالا جنوب الضفة الغربية.
ويقول باحثون إنهم الآن يجدون مهمتهم صعبة لرصد هذا الطائر. ويؤكد ذلك سكان المناطق الشرقية لمحافظة نابلس.
'لم أر نسرا ذهبيا منذ أربع سنوات'، قال الأطرش ملمحا إلى أن حملة مطاردة هذا الطائر تتم على مستويات عالية تتدخل فيها أجهزة المخابرات، مثلما فعل جهاز المخابرات الإسرائيلي قبل سنوات عندما داهم إحدى ضواحي مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية للاستيلاء على نسر كان بحوزة مواطن فلسطيني.
ويأخذ واقع اقتناء بيض وأفراخ هذا الطائر بعدا دراميا يتجاوز حدود الدول في المنطقة، ويباع بيضه في الأسواق السوداء.
وقال الأطرش فيما يبدي حسرة كبيرة، إنه تم تهريب بيضة نسر ذهبي من جنوب لبنان وبيعت عدة مرات في السوق السوداء قبل تفقيسها في حاضنة خاصة.
ويقول سكان في السفوح الشرقية إنهم لا يعرفون شكل هذا البيض؟
وقال الأطرش: 'الواقع الآن يظهر أنه بعد عشر سنوات لن يكون هناك طير واحد مفرخ ومقيم في الأراضي الفلسطينية'.
وتتعرض الطيور وحيوانات أخرى برية لعمليات صيد وقتل جائر في غير منطقة في الضفة الغربية.
وهناك قانون فلسطيني لحماية البيئة موضوع منذ العام 2000 لكن لوائحه التنفيذية لم توضع في مجال التطبيق حتى الآن.
وقال الأطرش 'على الجهات المختصة أن تبدأ بعمل فوري للحفاظ على الأصناف المهددة بالانقراض من الطبيعة الفلسطينية..(..) هذه مشكلة حقيقية يجب أن نواجهها'.
وهناك 13 موقعا مهما تم تصنيفها من قبل باحثي الحياة البرية منذ عام 1999 على أنها مواقع لهجرة الطيور العالمية في الأراضي الفلسطينية.
وغور الأردن المنطقة التي تحوي عدد سكان أقل من باقي أنحاء الضفة الغربية، من الأمكنة الهامة لهجرة وتعشيش الطيور على اختلاف أصنافها.
وهناك عشرات من أصناف الطيور الجارحة، أهمها طير مهدد على المستوى العالمي بالانقراض يدعى عقاب بحر أبيض الذيل وأعداده في الطبيعة الفلسطينية لا تتعدى أصابع اليد الواحدة.
ويشير توثيق لجمعية الحياة البرية إلى رصد طير من هذا النوع موصول بجسمه جهاز لاقط لتتبع مساره في محطة أريحا لدراسة الحياة البرية في عام 1999، فيما تم العثور على طير آخر مقتولا في محمية ضانا الأردنية.
وقال الأطرش 'كان هذا آخر ذكر لآخر زوج في الأراضي الفلسطينية.. إنها مأساة'.
وأمكن مشاهدة طيور جارحة في جبال شرق الضفة الغربية مثل أنواع مختلفة من الصقور والطيور الأقل حجما.
وهناك طيور تعيش في أماكن محددة مثل وادي القلط، الذي تعيش فيه أعداد قليلة من العقبان وخاصة عقاب بونيللي التي تعرضت فراخها للسرقة من قبل بعض الرعاة.
وثمة طيور أخرى اختفت في العقد الأول من القرن الحالي مثل النسر الملتحي، الذي سجل آخر ظهور له في العام 2000 في المنطقة الواقعة بين برية بني نعيم في الخليل وحتى صحراء النقب.
'نحن نخسر ثروة تطير في السماء. هذه الطيور تختفي بسبب أسباب يجب التصدي لها'، قال الأطرش، بينما كان لا ينفك عن طرح سؤال أين اختفى النسر الذهبي؟